مشروع InnovAgroWoMed يُعيد لـ "مطمورة روما" بريقها

image

تشتهر ولاية باجة بالشمال الغربي للجمهورية التونسية بصناعة الأجبان وشتى مشتقات الحليب. ويعود مذاق أجبانها المتميز إلى عدة عوامل لعل أهمها جودة الحليب الذي تنتجه البقر والماعز بالمنطقة نظرا لجودة العلف في مراعي باجة وخبرة أهالي المنطقة في تحويل منتجات الحليب التي ورثوها جيلا تلو آخر قبل أن يطوًرها الكثير منهم ومنهن من خلال التكوين والبحوث واكتساب المهارات.

وليس من الغريب أن تتم تسمية باجة قديما بـ "فاغا"، الترجمة الرومانية لـ "البقرة الحلوب" وأن يلقبوها بـ "مطمورة روما" وأن تكون العاصمة الفلاحية للدولة الرومانية.

هذا الثراء النوعي والكمي لمنتجات الحليب والأجبان بباجة جعلها وجهة لكل التونسيين والتونسيات لاقتناء ما يلزمهم من أجبان ومشتقات حليب، فتجد محلات بيع الأجبان متراصة الواحدة تلو الأخرى على الطرق الرئيسية والفرعية، والسيارات القادمة من كل الولايات ومن الجزائر المتاخمة لتونس عبر حدودها الغربية، رابضة على حاشية الطريق يتسارع راكبوها لاختيار المحل الذي سيجدون فيه ما يشتهونه من مشتقات حليب.

تشابه المواد الأولية والمنتجات المعروضة وكثرة المحلات في نفس المنطقة جعل المنافسة أيضا محتدة وجعل ذكرى التوهامي، مستفيدة من مشروع InnovAgroWoMed بتونس، تفكر في طريقة تخرج بها عن المألوف حتى تتمكن من الوصول إلى أكثر حرفاء وحريفات وحتى تحقق أكثر مبيعات.

عندما تقدمت ذكرى بمقترح مشروعها لتشارك به في التمويلات الثانوية التي قدمها مشروع InnovAgroWoMed عن طريق مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث "كوثر"، كان مقترحها طريفا ومبتكرا.

حيث يتمثل مشروع ذكرى في ورشة لصنع الأجبان وعربة في شكل قالب جبن كبير أصفر اللون، تتجول بين المدن في شكل قافلة، بداخلها مُعدات مُهيًئة لحفظ المنتجات الطازجة وواجهة بلورية لعرض المنتجات الصلبة.

كان أول ظهور للجبنة الضخمة المتجولة لذكرى والممولة من قبل الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج ENI CBC MED في معرض الصناعات التقليدية بالساحلين – ولاية المنستير من 19 إلى 29 ماي 2023، وقد تنقلنا لمعاينتها وانتبهنا إلى اهتمام الأطفال والعائلات والسياح لقافلة ذكرى واقبالهم الكبير على منتجاتها والتقاط الصور بجانبها.

بهذه الفكرة المبتكرة رغم بساطتها خلقت ذكرى لنفسها ولمشروعها أكثر حظوظا للنجاح فلم تقتصر على البيع في السوق المحلية بباجة حيث المنافسة على أشدها، واقتربت من الحرفاء والحريفات في بقية الولايات بمنتجات طازجة وقادمة مباشرة من باجة وسهلت على نفسها المشاركة في الصالونات والمعارض وتأكدت من جاذبية قافلتها أو جبنتها العملاقة.

ذكرى تطمح اليوم إلى التجول بقافلتها في كامل ولايات تونس وإلى السفر بها خلف البحر، لتقديم نبذة عن المنتجات التونسية في مجال مشتقات الحليب وللتعريف بباجة واستعادة بريقها الذي اشتهرت به في العهد الروماني.