من حديقة منزلها التي لا تتجاوز مساحتها ٢٠٠ متر، بدأت بيان قطيط إحدى مستفيدات مشروع الابتكار الاجتماعي في قطاع الأغذية الزراعيةInnovAgroWoMed مشروعها الذي يقوم على زراعة الخضراوات والفواكه العضوية، ومن ثم بدأت إنتاج المنتجات الغذائية المعتمدة على هذه المزروعات. 

بين أشتال الخضروات التي تزرعها وتعتني بها في قرية رابود الواقعة جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية، والثمار التي تحصدها تحولت العشرينية بيان إلى مزارعة من طراز رفيع، حيث ساعدتها التجربة وشغفها بالزراعة على امتلاك معارف وخبرة حول أنواع المزروعات والظروف الملائمة لها وما قد يصيبها من أمراض وآفات.

تزرع بيان مجموعة من الأصناف الموسمية كالفقوس والخيار والقرنية والزعتر والمرمية والبقدونس والنعنع والبندورة والفواكه المختلفة وغيرها، كما تعتمد على الزراعة المروية والبعلية في زراعتها. 

جاء توجه بيان نحو الزراعة العضوية بعد ملاحظتها بأن الخضراوات لا تنضج لديها بسهولة وهو ما يجعلها مضطرة إلى طهوها لساعات طويلة، فقررت تعلم الزراعة العضوية الصديقة للبيئة بنظام المكافحة الحيوية، لتملك اليوم ما يزيد عن الدونمين ونصف موزعة بين بيت بلاستيكي وحديقة المنزل. 

تدريبات مشروع InnovAgroWoMed

وفي طريقها من أجل تطوير مشروعها، حاولت بيان البحث عن فرص كثيرة لتطوير مهاراتها وقدراتها والاستفادة بشكل أكبر من المحصول الذي تنتجه، ووجدت إعلان الجمعية الفلسطينية لصاحبات الأعمال – أصالة الشريك الفلسطيني في مشروع InnovAgroWoMed عن برنامج تدريبي في قطاع الأغذية الزراعية فقررت تقديم طلبها، وبعد سلسلة مراحل للاختيار تم اختيارها لتكون إحدى المشاركات ال٣٢ في البرنامج التدريبي. 

وخلال فترة البرنامج التدريبي التي امتدت على مدار ستة أشهر، حصلت بيان على تدريبات نظرية وعملية في مجالات التثقيف المالي والإداري وقضايا النوع الاجتماعي وحقوق المرأة، وتدريب التصنيع الغذائي وتصنيع المجففات والمخللات والمربيات ومنتجات الألبان ومهارات التسويق الرقمي والاستدامة.

تقول بيان: "كنت بحاجة إلى مثل هذه التدريبات، لأنني كنت بحاجة إلى تعلم الآليات الصحيحة لتصنيع الخضراوات والفواكه التي أزرعها، كما أنني كنت بحاجة إلى اكتساب مهارات جديدة في إدارة مشروعي خاصة مالياً والتسويق والترويج الصحيح له، لقد كانت هذه التدريبات فرصة عظيمة بالنسبة لي." 

وتؤكد بيان على أن حاجتها إلى مثل هذه التدريبات جاءت من أجل أن تكون قادرة على إنتاج منتجات غذائية بجودة عالية وبتقنيات صحيحة من الفواكه والخضراوات التي تزرعها. 

وتؤكد بيان التي كانت كذلك إحدى المشاركات الفلسطينيات العشرة في المخيم الشتوي التدريبي الذي نظمه مشروع InnovAgroWoMed في منطقة البحر الميت في الأردن خلال شهر آذار الماضي، على أن التدريبات والنشاطات طورت مهاراتها الشخصية وحسنت قدرتها على الاتصال والتواصل مع الآخرين، كما أشارت ان كافة هذه التدخلات ساعدتها على بلورة فكرتها بإنتاج منتجات غذائية بشكل أُفضل كما ساعدتها على معرفة الاساليب الجيدة لترويج مشروعها. 

التحديات التي تواجه بيان 

لم تخلُ تجربة الريادية الفلسطينية بيان قطيط -كغيرها من الرياديات والرياديين الفلسطينيات والفلسطينيين - من العقبات التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي أمام تنقلها بين المناطق الفلسطينية وتسويقها لمنتجاتها سواء من مزروعات أو من المنتجات الغذائية التي تصنعها، وتحول الحواجز الإسرائيلية والإغلاقات أمام قدرتها على نقل بضائعها من منزلها الكائن في أقصى جنوب الضفة إلى المناطق الأخرى، ليؤدي الأمر إلى خسائر مادية لمشروعها الذي ما زال في بدايته. 

وتضيف بيان أن العوائق الاجتماعية التي يفرضها المجتمع على النساء تحد من قدرتهن وفرصهن في التطور في كثير من الأحيان، وهذا يضع النساء أمام تحديات كبيرة تعيق نجاحهن، لكنها تؤكد على أنها مُصرة على تجاوز مثل هذه التحديات لتتمكن من المضي قدماً في طريقها المهني الذي بدأ للتو. 

يضاف إلى كل هذا، ظروف أخرى متعلقة بتمويل مشروعها، حيث تؤكد على أن مشروعها الذي بدأ برأس مال قليل وبحديقة منزلها وبات اليوم يكبر يوماً بعد يوم، وأصبح أكثر حاجة إلى مصدر تمويل جيد لتتمكن من استكمال مشروعها المتعلق بإنتاج منتجات غذائية بالاعتماد على الخضراوات والفواكه التي تنتجها. 

وبيان التي عجت بقصتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة، هي واحدة من بين فلسطينيات رياديات كثيرات، يسعين جاهدات من أجل خلق أو تطوير مشاريعهن ليكن جزءاً من الاقتصاد الفلسطيني، ويحاولن اقتناص الفرص التي تعلمهن الجديد وتساعدهن على الابتكار والريادة، ويمكننا القول أن البرنامج التدريبي الذي قدمه مشروع InnovAgroWoMed  وجمعية أصالة كان الخطوة الأولى لعدد لا بأس به من الشابات الفلسطينيات في طريق تمكينهن اقتصادياً وخلق المشاريع الخاصة بهن. 

مشروع InnovAgroWoMed هو مشروع مُمول بنسبة 87% من الاتحاد الأوروبي ويتم تنفيذه عن طريق برنامج التعاون عبر الحدود في البحر الأبيض المتوسط في 4 بلدان متوسطية وهي فلسطين، وتونس وإيطاليا وإسبانيا. ويهدف أساسا إلى تقليص نسب الفقر وتحقيق الادماج الاجتماعي عبر حلول مبتكرة لتطوير نسبة وكيفية مشاركة المرأة في قطاع الأغذية الزراعية سواء كعاملة أو كموظفة أو كباعثة مشروع في قطاع الصناعات الغذائية.

لمتابعة كل مستجدات مشروعنا، برجاء الاشتراك في صفحتنا الرسمية على فيسبوك أو قناتنا على يوتوب.